همزة فقر
يقولون في الأمثال الشعبية “الكحكحة في أيد الفقير أو اليتيم عجبة”.
فما بالكم لو ربنا وفق الفقير بشراء أو تفصيل ثوب أنيق، أو بنطلون ، أو حصل على تليفون محمول هدية نظير فوزه في مسابقة “رمضان الكبرى ” أو حتى مسابقة ” أدعك عنيك تعرف الفرق “على فضائيات كلشنكان , وما بالكم وهو الأهم والمهم فى الوقت الحالى لو أن الغلابه أتوفقوا بمرشح شريف ونزيه، يعرف جيداً أن حياتهم معاناة وضنك مستمر، يأن لها قلبه وسيسعى بتعاونهم طبعاً لإعادة الأعتبار لأدميتهم ولأبتسامتهم وللمواطنة المسحوقة بامتياز مع مرتبة الشرف ؟!
لا شك أنهم سيستكثرون عليهم ذلك وتبدأ ألاعيب شيحه ، ويبدأ مرتزقة “السبوبه” فى اللعب على الحبل وشد الوسط ونفخ البطن وتبدأ بانوراما الأكاذيب والإنجازات الوهمية وأحجار الأساس لمشاريع لن ترى نور الشمس أبد الدهر ؟!..
هم يريدون الفقير إنساناً منطرحاً على الأرض ميئوس منه ، يلبس ثياباً رثة باليه ومرقعة (على كل لون يا بطسطا ) مثلها كمثل بعض نتائج الانتخابات فى ظل الأنظمة السابقة !
وحين نعرف الفقير نقول وما القول ألا قول الفقير نفسه والذى ننقله عنه ” أن الفقر هو أن يمرض أحد أقاربك ، أو حتى أنت، ولا تجد لحظتها قيمة تذكرة الكشف وروشتة العلاج حتى لو ذهبت إلى المستشفى على ظهر سيارة من الفابريقة، فإنك تظل فقيراً أمام شباك الطبيب والصيدلي ، وشباك الفحوصات والتحاليل وبوابة وكيل وزارة الصحة وديوان المحافظ بل تصل لوزير الصحة أحيانا ليوقع لك أحدهم بالموافقة ليصرف لك علاج !!
الفقر هو أن تتعطل بعض أجهزتك الكهربائية مثل الثلاجة أو الغسالة بسبب أنقطاع النور المتكرر ، وتحمل أياً منهما إلى أقرب محل صيانة أجهزة ، ولا تعود إليه إلا وقد نشر إعلاناً مصحوباً بصورة الغسالة أو الثلاجه يطالبك أنت وجملة من الناس الغلابه أمثالك بسرعة أخذ أجهزتكم وتسديد المبالغ التي عليكم لأنه أفلس بسبب الكهرباء ، ما لم فإنه سيبيع كل الأجهزة الموجودة لديه للإصلاح ويسدد بقيمتها ديون إيجار المحل؟!
الفقر هو أن يخر عليك ماء المطر لأن سقف بيتك ينهار منذ سنوات ، ولا تستطيع إصلاحه وبالتالى فأنك لن إيقاف المطر عند حده؟!
وما تتمكن من عمله حيال ذلك هو البرطعة وراء مسئول الحى والأسكان أو أى مسئول ما لمساعدتك، أو إقناع نفسك بأن المرقد الحقيقي هو القبر فأذهب أليه من الأن وأرح بالك وفؤادك !!
لو كان الفقر رجلاً لقتلته..
لكن ما العمل حينما يكون الفقر مجموعة تخم وقيادات نهبوا الثروات وسرقوا مواردها ؟!
أنت كمواطن غلبان ستكون المتضرر والقتيل الأوحد في هذا النزال واللصوصيه ، ما لم تتعظ من سابقات التجارب والدروس.
لذا يحاول المستفيدين من الكراسي المتقدمة دائماً تمييع مواجع الناس وشكاواهم من الفقر، مرددين “احمدوا الله، أنتم أحسن من غيركم ويضربوا أمثالا مثل تسونامي أو الصومال مثلاً ؟!”
لهم أن يقولوا ذلك وللغلابه أن يقولوا مراراتهم .
الفقر عموماً هو أن يأتي العيد، وتنظر إلى سوق اللحوم نظرة الصوفي لـ”الكعبة” وتنظر لأطفالك وأقاربك الذين ستزورهم وكأنهم جباة الضرائب فى عهد الرومان .
الفقر هو أن تكتب عن فساد الأسعار في سوق “السمك” وتمر من أمام “الحيتان أو الهوامير كما يطلق عليهم فى الخليج ” الكبيرة مرور الكرام؟! الفقر هو أن تنتقد إزعاج سائقي السيارات والتوك توك والدراجات النارية، وتغمض عينيك أمام إزعاج ومخالفات وأبتزاز رجال المرور أنفسهم ؟!
الفقر هو ذاك الذي يجعل “المصالح” بلا مبادئ وبلا أخلاق، ويجعل الناس تتسابق على الجمعيات وكشوف “الزكاة” وتتملص أمام كشوف التبرع لمريض يحتاج ثمن دخول المستشفى !!
الفقر هو أن يعلن التليفزيون في أى مناسبة وطنية عن خطاب هام لمسئول هام فى الدولة ، تحجز لنفسك مكاناً استراتيجياً أمام الشاشة، وتظل طيلة وقت الخطاب تنتظر بفارغ الصبرقراراً حاسم يعيد للجنية أعتباره، يقضي بمجانية حقيقية للتعليم ، والصحة، ومحاربة غلاء الأسعار وجشع التجار وتسمع أن مليارات صرفت لتعزيز الأمن والمواكب ونفقات المصالح والمؤسسات وأهدار المال العام ؟!!
الفقر هو أن تنظر للضيوف الذين طرقوا على باب بيتك وكأنهم مشاهد من فيلم رعب، وتجد نفسك فجأة وقد تحولت إلى خطيب مسجد يوزع الموعظة لأطفاله الصغار وبصوت مسموع لعل الضيوف يسمعوك وأنت تصرخ بلهجة متشددة: قال الله، قال الرسول (صلى الله عليه وسلم ) قال الصحابة : خففوا على أهل المروات؟!
وتعقب قائلاً : الضيافة ساعه ، ساعتين ، أما يوم ويومين يا نهارى الطين وقيم على قيم ؟!
الفقر هو أن يفشل مشروع الخطوبه أو زواجك، أو مشروع دراستك العليا ، أو حتى مشروع المياه والكهرباء بسبب فواتير تراكمت عليك، وأنهالت عليك ضربا وطرحتك أرضاً، وبالضربة القاضية أنجزت المهمه ؟!
* الفقر هو أن يرعبك “مالك العقار” الذى تسكن فيه أكثر مما يرعبك حرس رئيس الوزراء، أو حتى رئيس الوزراء نفسه ؟!
الفقر هو أن تظل تمسك بقلمك وتكتب، وتكتب، وتحسب حساب مصاريف البيت والعيال والدروس الخصوصية ولا جديد يتغير في حياتك غير الزيادة في كشف الديون المتأخره ؟!
وأما قمة الفقر والمعاناة ، هو أن تنتهوا جميعاً من قراءة مقالى هذا .. وتتحسسوا جيوبكم .. وأتحسس جيبي؟ فلن نجد ألا الشكوى لغير الله مذلة !..
0 comments:
إرسال تعليق