قصة حياة فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي - رحمه الله
نشأته وتعليمه :
ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911 م بقرية دقادوس مركز ميت
غمر بمحافظة الدقهلية وهو من أسرة شريفة يمتد نسبها إلى الإمام علي زين
العابدين بن الحسينوحفظ الشعراوي القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1916 م
التحق الشيخ الشعراوي بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغا منذ
الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة
الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر
والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسا لاتحاد الطلبة سنة
1934م ، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق
بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية،
ثم تخرج الشيخ عام 1941 وحصل علي العالمية (الدكتوراة) مع إجازة التدريس
عام 1943م.
تزوج الشيخ الشعراوي وهو في الابتدائية بناء على رغبة والده الذي اختار
له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، وأنجب الشعراوي ثلاثة أولاد وبنتين،
الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة.
وعن تربية الأولاد يقول الشيخ الشعراوي أن أهم شيء في التربية هو
القدوة، فإن وجدت القدوة الصالحة سيأخذها الطفل تقليدا، وأي حركة عن سلوك
سيئ يمكن أن تهدم الكثير. فالطفل يجب أن يرى جيدا، وهناك فرق بين أن يتعلم
الطفل وأن تربي فيه مقومات الحياة، فالطفل إذا ما تحركت ملكاته وتهيأت
للاستقبال والوعي بما حوله، أي إذا ما تهيأت أذنه للسمع، وعيناه للرؤية،
وأنفه للشم، وأنامله للمس، فيجب أن نراعي كل ملكاته بسلوكنا المؤدب معه
وأمامه، فنصون أذنه عن كل لفظ قبيح، ونصون عينه عن كل مشهد قبيح.
تدرجـــه الوظيفى :
بعد تخرج الشيخ الشعراوي عين مدرسا بالمعهد الديني بطنطا، ثم انتقل إلى الزقازيق ثم إلى الإسكندرية، واستمر تدريسه لمدة ثلاث سنوات |
ثم سافر |
بعدها إلى السعودية ضمن البعثة الأزهرية ليعمل أستاذا بكلية الشريعة
بجامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة 1950م، واضطر الشيخ الشعراوي أن يدرس
مادة العقائد هناك رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة
كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة
لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع.
عين الشيخ الشعراوي وكيلا لمعهد طنطا الازهرى سنة 1960م ثم عين مديرا
للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م ثم مفتشا للعلوم العربية
بالأزهر الشريف 1962م ، وفي عام 1963م عاد الشيخ الشعراوي إلى مصر وتولى
منصب مدير مكتب شيخ الأزهر وقتها الشيخ حسن مأمون.
سافر الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر عام 1966، وبقي
بها مدرسا لمدة سبع سنوات، قبل أن يعود إلى مصر ويتولى منصب مدير أوقاف
محافظة الغربية، ثم وكيلا للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر. كما عين
أستاذا زائرا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م،
ثم رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972 م.
في نوفمبر سنة 1976م اختير وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر ، وظل في منصبه
إلي أن ترك الوزارة في أكتوبر عام 1978م، ويذكر له أنه خلال عمله كوزير
للأوقاف كان أول من أصدر قرارا وزاريا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو
بنك فيصل.
وسافر بعدها إلى السعودية حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز ولم يعد إلا سنة 1981م.
وفي سنة 1987م تم ترشيح الشيخ الشعراوي ليصبح عضواً بمجمع اللغة
العربية (مجمع الخالدين)، وجاء انضمامه بعد حصوله على أغلبية الأصوات.
تفسيره للقرآن ثم وفاته
وعلى رغم أن علم التفسير علم دقيق، وغالباً ما يقدم في لغة صعبة، إلا
أن الشعراوي نجح في تقريب الجمل المنطقية، والمسائل النحوية الدقيقة، ووصل
بذلك كله إلى أفهام سامعيه، حتى باتت أحاديثه قريبة جداً من الناس في
البيوت، والمساجد التي ينتقل فيها من أقصى مصر إلى أقصاها، حتى صار الناس
ينتظرون موعد برنامجه ليستمتعوا بسماع تفسيره المبارك.
ومن خلال البرنامج ذاع صيت الشعراوي في مصر والعالم العربي والإسلامي،
ومن التليفزيون المصري انتقل البرنامج إلى إذاعات وتليفزيونات العالم
الإسلامي كله تقريباً.
وبعد هذا القبول العام انخرط الشيخ الشعراوي في محاولة لتفسير القرآن،
ورغم أن تفسير القرآن قضية تعرض لها آلاف العلماء على امتداد القرون
والدهور، إلا أن تفسير الشيخ الشعراوي بدا جديدا ومعاصرا، وكانت موهبته في
الشرح وبيان المعاني قادرة على نقل أعمق الأفكار بأبسط الكلمات. وظل
الشيخ الشعراوي مستمراً في التفسير إلى أواخر حياته، وقبيل أن يمنعه المرض
الذي عانى منه قبل وفاته بخمسة عشر شهراً.
وفي صباح الأربعاء 22 صفر 1419هـ الموافق 17/6/1998م توفي الشيخ محمد متولي الشعراوي، وفقدت الأمة علما آخر من أعلامها البارزين.
0 comments:
إرسال تعليق